الفوز فى الملعب ..لا يكفى

نشرت جريدة الاحرار مقالا مهما للكاتب احمد الدسوقى يدعو فيه الى استثمار الانتصار الكروى على المنتخب الجزائرى الشقيق والبحث عن انتصارات اخرى فى مجالات اكثر جدية
بقلم : احمد الدسوقي

عقب انتهاء مباراة مصر والجزائر في‮ ‬بطولة أمم افريقيا انجولا ‮٠١٠٢ ‬خرجت الجماهير الي‮ ‬الشوارع والميادين ترفع علم مصر وتهتف بحب الوطن‮.. ‬لكنها لاتعرف ماذا تفعل بعد ذلك‮.. ‬خرجنا الي‮ ‬الشوارع وبحت اصواتنا وتبادلنا التهاني‮ ‬والاحضان حتي‮ ‬الساعات الاولي‮ ‬من صباح الجمعة وعندما جاء الوقت لنعود الي‮ ‬بيوتنا شعرنا ان هناك شيئاً‮ ‬ما‮ ‬ينقصنا‮.. ‬هل نعود حقا ونكتفي‮ ‬بما فعلناه طوال الليل؟ أم علينا ان نواصل مظاهراتنا ونواصل فرحتنا ونستغل الحشد العظيم في‮ ‬طرح مشاكلنا الحياتية الهامة امام حكومتنا التي‮ ‬فرحت معنا بنصر نجوم المنتخب؟
عندما طرحت الفكرة علي‮ ‬اصدقائي‮ ‬المشجعين نظروا الي‮ ‬وكأني‮ ‬اخرج علي‮ ‬النص فالمسموح ان نحتفل بالفوز في‮ ‬مباراة كرة قدم فقط أما ان‮ ‬يعلو صوتنا ونشكو من البطالة او الفساد وارتفاع الاسعار فان الذين سمحوا لنا بالتظاهر سوف‮ ‬يزمجرون ويكشرون عن انيابهم ويتهموننا بتعطيل المرور وتكدير السلم العام وساعتها سوف نتحول من مشجعين إلي‮ ‬متهمين وربما نجد أنفسنا خلف قضبان ندافع عن حبنا للوطن وعن استعدادنا لتحمل مسئولية التظاهر فرحا بالنصر وحزنا علي‮ ‬أحوالنا المعيشية‮.‬

لفت انتباهي‮ ‬حالة الهدوء والسكينة التي‮ ‬تحلي‮ ‬بها المصريون قبل المباراة وحديثهم الراقي‮ ‬والمسئول عن الأشقاء الجزائريين‮..‬
وأن مباراة كرة قدم لا‮ ‬يمكن أن تعكر صفو علاقات متينة تربط بين الشعبين‮.. ‬خضنا حروباً‮ ‬معا وساعدنا ثوار الجزائر ضد المحتل الفرنسي‮ ‬وساعدنا الجزائريين علي‮ ‬تحرير أرضنا من المغتصب الصهيوني‮.. ‬نرتبط معا بعلاقات الدم والأخوة والقومية والدين‮.. ‬تاريخ وجغرافيا وثقافة وزعامات تحظي‮ ‬بحب كبير في‮ ‬قلوب المصريين والجزائريين‮.‬
البعض منا‮ ‬يقع في‮ ‬خطأ التعميم عندما‮ ‬يقرأ في‮ ‬مواقع انترنت بذاءات وتجاوزات من صبية ومراهقين‮ ‬يتحدثون باسم الوطن بدون وعي‮ ‬وبلا مسئولية‮.. ‬يتصورون ان الحياة هي‮ ‬مباراة كرة قدم ويملأون الدنيا ضجيجاً‮ ‬وخلافات ويصنعون عداوات وهمية مع أشقاء‮.. ‬ويستجيب ضحايا الانترنت والفضائيات للغوغاء وتتحول الحبة إلي‮ ‬قبة ويصبح مقال طائش أو صورة متجاوزة هي‮ ‬أساس الخلاف بين شعبين شقيقين‮.. ‬وتجد فضائىات مثيرة ضالتها وتظل تروج لأكاذيب عن كراهية متبادلة بين مصر والجزائر بل بين مصر ودول المغرب‮.. ‬هذه الكراهية التي‮ ‬لا أراها ولا أشعر بها شخصياً‮ ‬كمواطن مصري‮ ‬وقومي‮ ‬عربي‮.‬
وقبل المباراة بيومين تناقلت وكالات الأنباء العالمية تقريراً‮ ‬عن الصحافة الإسرائيلية التي‮ ‬تحاول دق أسافين بين الأشقاء فقد نشرت جريدة هاآرتس الصهيونية صفحة كاملة عن كراهية الجزائريين لمصر وأن المباراة القادمة ستكون نهاية العلاقة بين الشعبين وواصلت الصحف الاسرائيلية التحريض علي‮ ‬المصريين والجزائريين معاً‮.‬
ومن المدهش ان وكالة الصحافة الفرنسية هي‮ ‬التي‮ ‬تصدت للأكاذيب الإسرائيلية وبثت من القاهرة تقريراً‮ ‬خطيراً‮ ‬اختتمته بالتأكيد علي‮ ‬الروح الرياضية العالية التي‮ ‬يتمتع بها المصريون،‮ ‬وان‮ ‬غالبيتهم‮ ‬يفرقون بين الخصومة في‮ ‬الملعب والعلاقات الأخوية علي‮ ‬المستوي‮ ‬السياسي‮ ‬والاقتصادي‮.‬
والأكثر دهشة ان اعلامنا لم‮ ‬ينتبه إلي‮ ‬أهمية تقرير الوكالة الفرنسية واكتفي‮ ‬بنقل مضمونه الذي‮ ‬يحذر من اصطياد الإسرائيليين في‮ ‬الماء العكر واعادت بعض الصحف ما نشرته هاآرتس مرفقاً‮ ‬بفهم عال وتحليل دقيق للأهداف الإسرائيلية الخبيثة‮.‬
وقد انتهت المباراة وغداً‮ ‬نلعب النهائي‮ ‬مع‮ ‬غانا ونأمل أن‮ ‬يعود أبطال مصر بالكأس للمرة الثالثة علي‮ ‬التوالي‮ ‬والسابعة منذ إنشاء المسابقة‮.. ‬وواجبنا أن نتخذ من النصر الكروي‮ ‬فرصة لاعادة تقييم أنفسنا في‮ ‬جميع المجالات لأن الرجال الذين انتصروا هم أولادنا‮ ‬يعيشون بيننا‮.. ‬ومن حقنا ان نحلم بتحقيق انجازات مماثلة في‮ ‬ميادين أخري‮ ‬أكثر جدية مثل نزاهة الانتخابات التشريعية فهل ننجح في‮ ‬تحقيق نصر في‮ ‬مجالات أخري‮ ‬غير كرة القدم؟

نقلا عن جريدة الاحرار اليومية

0 اضف تعليقا:

مرحبا بالاصدقاء الاعزاء
يسعدنى زيارتكم وارجو التواصل دائما
Hello dear "friends
I am glad your visit and I hope always to communicate

الحقوق محفوظة الاسرار           تعريب وتطوير