عبد الحليم قنديل ..قصيدة حب لابطال الوطن

يتفق المصريون مؤيدون للنظام ومعارضون له على احترام القوات المسلحة واعتبارها حصن الوطن وحائط الصد الحقيقى وقت الازمات والاخطار ..ويلزم القانون تجنيد المواطنين اجبارا ولذلك فان كل مصرى خدم فى الجيش يحتفظ فى ذاكرته بمشاهد عن فترة تجنيده يصعب ان تمحى
وعلى المستوى السياسى يظل الجيش حبيب الشعب كل الشعب موالاة ومعارضة ويظل الجيش سندا للجميع ..وفى هذا السياق كتب الزميل عبد الحليم قنديل مقالا ربما يظن البعض انه يتجاوز الخطوط الحمراء لكننى اعتبره قصيدة حب ووفاء الى جيشنا وابطالنا ..الذين يعتبرون المقال متجاوزا منعوا نشره لكننا نرى ان من حق المصرى ان يزهو بجيشه وابطاله ..
واليكم نص مقال عبد الحليم قنديل
الجيش المصري ليس طبقة معزولة، وليس طبقة محترفين من وراء جدر أو في أبراج عاجية ، وتكوينه الأساسي قائم علي التجنيد الوطني العام، ولم يحدث أن كان الجيش طرفا في صدام مع مطامح الشعب المصري، وفي انتفاضة يناير 1977، رفض قائد الجيش تنفيذ أوامر السادات بالنزول إلي الشارع، وطلب أن تلغي قرارات رفع الأسعار أولا، وأن يرفع الظلم المضاف عن الناس، وقبلها بسنوات كان الجيش أمل المصريين في الثأر من عار 1967، ودفعوا من قوتهم وأعصابهم مددا يضاف لترسانة السلاح، وحقق الجيش المعجزة، وعبر من بلادنا إلي بلادنا، لكن الذين هبروا آل إليهم الأمر، فيما كان الهم قرينا للذين عبروا، وقدموا أعظم التضحيات بالروح والدم.
ولانريد أن ندخل في قصص اصطناع الولاء، ولا في إغراءاته ومنحه وهباته الذهبية، فولاء الجيش للوطن وللشرعية وللدستور، وليس لشخص ولا لعائلة، بل لنداء الواجب المقدس، وولاء الجيش المصري لسلامة الأمة، وحفظ سيادتها، وليس سيادة أي شخص، مهما علا مقامه، وخاصة في ظروف بلد بلغت معاناته الذروة، ويضطهد نظامه الشعب، ويحكمه كقوة احتلال، ويستند إلي قوات أمن داخلي متضخمة متورمة، ويزيد عددها علي أضعاف حجم الجيش، وهذه ظاهرة ملفتة وغير مسبوقة في التاريخ المصري الحديث والمعاصر.
لانريد للجيش ــــ الذي نحترم ونقدر تاريخه وأدواره - أن يدخل طرفا في نزاعات السياسة الجارية، وفي سياق الطلاق البائن بين النظام والشعب، فنحن بصدد نظام لايستند إلي شرعية، ويعيش في الحرام الدستوري، ويزور الدستور بعد تزوير الانتخابات، ويحاول توريط الجيش في صدام مع المعارضين للنظام، ويتوسع - بغير مقتضي قانوني- في إحالة المدنيين لمحاكمات عسكرية، وبالضد من أحكام الدستور، والتي تقضي بضمان حق التقاضي الطبيعي، والمؤكد أن القضاء العسكري ليس هو القضاء الطبيعي للمواطن المدني، بطبيعة بنائه، وطريقة نظره للقضايا، وتسلسل الأوامر داخل الجيش، والالتزام الحرفي بمبدأ الطاعة، كل ذلك مما قد يصح في محاكمات العسكريين لا المدنيين.
وقد انتفخت ظاهرة المحاكمات العسكرية للمدنيين منذ 15 سنة تقريبا، وفي قضايا تخلو من سلاح أو شبهة عنف، وفي ظل فزع النظام الحاكم من نمو تيارات معارضة، وتوجهت إلي محاكمات الإخوان بالذات، وسبق السيف العزل، وبدت الأحكام مثيرة للخواطر والنفوس، مثيرة لاختصام نفسي لانريده بين الجيش وقطاعات من الشعب، وليس لأحد ممن حوكموا عسكريا خصومة مع الجيش، بل كانت الخصومة- وتظل -للنظام، وأبرأ القضاء المدني ساحة كثير منهم، وبدت الإحالة لمحاكمات عسكرية - بالقرار الرئاسي - نوعا من الانتقام السياسي، وتصفية الحساب بين عائلة تحكم وفصائل تعارض، وبلغ الألم ذروته مع احالة الشاب أحمد دومة والأستاذ مجدي أحمد حسين إلي محاكمات عسكرية، وبتهمة تنزل عقوبتها في القانون إلي الحبس ليوم واحد، بتهمة التسلل إلي غزة التي أغلقوا المعبر إليها، مع أن الذهاب إلي غزة - بشعور عامة المصريين- شرف لاجريمة، ومناصرة المقاومة هي نداء الواجب الذي يعرفه ضباط الجيش قبل غيرهم، فلم يتسبب أحمد دومة ولامجدي حسين في ضرر لمصر ولا للجيش، وليسوا هم الذين سمحوا بدخول الإسرائيليين إلي سيناء بلا تأشيرة دخول، ولاهم الذين وافقوا علي نزع سلاح غالب سيناء في ملاحق كامب ديفيد المهينة، ولاهم الذين سكتوا علي وجود قوات ومراقبين أجانب - غالبهم أمريكيون - في شرق سيناء، ولاهم الذين حجزوا عن الجيش حق بسط سيادته العسكرية إلي خط الحدود، ومع ذلك أحيلا إلي محاكمة عسكرية وليس الآخرين، وصدرت ضدهم أحكام صادمة في محاكمات تفتقر لأبسط ضمانات التقاضي الطبيعي، صدر ضد دومة حكم بالحبس سنة مع الشغل والنفاذ، وصدر ضد الأستاذ مجدي أحمد حسين حكم بالحبس سنتين، وهو الذي لم يخاصم الجيش بل النظام، واستخدم النظام مطرقة القضاء العسكري لإيقاع عقوبة انتقام سياسي شهواني، فمجدي حسين صحفي بارز، وكان عضوا بمجلس نقابة الصحفيين، وهو رئيس لتحرير جريدة الشعب المصادرة منذ سنين، ويرفض النظام إعادتها للصدور، ويدوس أحكام القضاء التي صدرت تباعا لصالحها، ومجدي هو الأمين العام لحزب العمل، والذي صادروا حقه في الوجود المعترف به رسميا، وبعد صدام طويل مع يوسف والي نائب رئيس الحزب الحاكم، والمشهور برعايته للفاسدين الكبار في وزارة الزراعة، وبرعايته للتطبيع الفج مع الإسرائيليين، والرجل- مجدي حسين - قيادي بارز في حركة كفاية، وواحد من ألمع وجوه المعارضة الجذرية الجديدة، ومعروف بصدامه مع رأس النظام شخصيا، وطالب - مع غيره- برحيله وعزله سلميا، وقد سجن من قبل، وجري حل حزبة وإيقاف جريدته، وبتهمة معارضة يوسف والي المحمي من رأس النظام، وهو يسجن الآن، ليس لأنه ذهب إلي غزة بطريقته، بل لأنه يعارض رأس النظام غير الشرعي، وفي محاكمة عسكرية خلت من ضمانات الدفاع الاختياري، وبرغبة من النظام في الإساءة لسمعة الجيش، والزج بأسمه في تصفية حسابات السياسة.
وقد لانريد للجيش أن يتحرك ضد أحد، لكننا لانريده أن يتورط في نزاعات السياسة، ونريده أن يظل في مكانه السامي المطلوب، جيشا لعموم المصريين، يجمع ولا يفرق، يصون ولايبدد، يحمي ولايهدد.

0 اضف تعليقا:

مرحبا بالاصدقاء الاعزاء
يسعدنى زيارتكم وارجو التواصل دائما
Hello dear "friends
I am glad your visit and I hope always to communicate

الحقوق محفوظة الاسرار           تعريب وتطوير